دبلوماسية القنابل.. عندما تتحول السفارة إلى غرفة عمليات إرهابية
بقلم: منصور رخشاني
في ضربة تاريخية جديدة لآلة القمع والفساد التابعة لنظام الملالي، أعلنت الحكومة الأسترالية، في السابع والعشرين من نوفمبر عام 2025، قرارًا حاسمًا بتصنيف كامل “فيلق حراس الثورة الإسلامية” كـ”داعم حكومي للإرهاب”. لم يكن هذا الإجراء مجرد خطوة دبلوماسية عادية، بل يمثل بداية النهاية لسياسة الاسترضاء تجاه آلة القتل والفساد التي يمثلها هذا الفيلق. ويترتب على هذا التصنيف عقوبات صارمة، حيث تصل عقوبة أي ارتباط أو تمويل أو دعم للفيلق في أستراليا إلى 25 عامًا في السجن.
لم يأتِ هذا القرار من فراغ، بل سبقه بسكوتشيل ثلاثة أشهر طرد غير مسبوق للسفير النظام (أحمد صادقي) وثلاثة دبلوماسيين آخرين في السادس والعشرين من أغسطس 2025. كما أغلقت كانبيرا سفارتها في طهران، محذرة مواطنيها من ضرورة المغادرة الفورية. هذه الإجراءات الأسترالية الجريئة تؤكد أن الدول الديمقراطية بدأت تدرك الطبيعة الإرهابية والمتغلغلة لهذا الفيلق، وتتخذ خطوات عملية لمواجهته.
الفيلق: ذراع الولي الفقيه للقمع والفساد
تأسس فيلق حراس الولي الفقيه (المعروف أيضًا باسم الحرس الثوري) في الأيام الأولى للثورة المناهضة للشاه في إيران، كذراع مسلحة لخميني. لقد كان الهدف الأساسي من إنشائه هو قمع الشباب والمثقفين والجامعيين وسائر فئات الشعب الإيراني لمنع أي انتفاضة تهدد نظامه. في عام 1980، أعلن خميني صراحةً: “عدونا ليس في أمريكا وإسرائيل، بل هنا تحت أعيننا في إيران”. وهكذا، احتاج إلى ذراع مسلحة مطيعة من قواته الرجعية لقمع هذا العدو الداخلي. تحت غطاء “الظروف الحربية” المصطنعة مع العراق، نفذ الفيلق مشروعًا واسع النطاق للقمع وإعدام عشرات الآلاف من القوى الشعبية والديمقراطية في الثمانينات.
الفيلق: محرك الفساد والفقر والأزمات المعيشية
يعد فيلق حراس الولي الفقيه العامل الأساسي وراء اقتصاد أمني فاسد، حول المجتمع الإيراني إلى برميل بارود. هو المسؤول الأول عن الفساد الإداري والفقر والأزمات المعيشية في إيران، مما يدفع 80% من الشعب الإيراني يوميًا لمعاناة من المشاكل المعيشية لمنعهم من الانتفاضة والإطاحة بالنظام.
يسيطر الفيلق على ما يصل إلى 60% من الاقتصاد الإيراني، من النفط والبتروكيماويات عبر شركات وهمية مثل “مقر خاتم الأنبياء” وغيره. يقوم بتهريب سنوي يصل إلى 12 مليار دولار عبر الموانئ والمطارات، ويحتكر قطاعات النفط والاتصالات والبناء، وحتى إنتاج البيتكوين، حيث يسرق الكهرباء من حاجة الشعب لتشغيل مئات الآلاف من أجهزة التعدين، وينفق أموالها على القوات الوكيلة في الخارج وقوات القمع والقتل في الشوارع. هذه الاحتكارات، التي أنشئت بالكامل تحت شعار “بقاء النظام بأي ثمن”، أدت إلى تضخم يتجاوز 50%، وبطالة بين الشباب، ووقوع 80% من الشعب تحت خط الفقر والبؤس.
الفيلق: مصدر تصدير الإرهاب والتحريض على الحروب
الحقيقة التي لا يمكن إنكارها هي أن فيلق حراس الولي الفقيه، بعد انتهاء الحرب العراقية الإيرانية، تم الحفاظ عليه وتوسيع نطاقه لمواصلة قمع الشعب الإيراني وتصدير الإرهاب وإشعال الحروب في المنطقة. هذا بينما تمتلك إيران جيشًا لحماية حدودها، ووجود الفيلق، بتكلفة باهظة من جيوب الشعب الإيراني، غير شرعي وغير قانوني ومدمر.
يعد الفيلق أداة خامنئي ونظامه الأكبر، حيث يستخدم آلة القمع هذه، مع منظمته الاستخباراتية والقتلية المسماة “منظمة استخبارات الحرس الثوري”، التي تتمتع بأبعاد أكبر وأوسع من وزارة المخابرات، كذراع تنفيذية لقضاء نظام الجلادين لقمع وإعدام النساء والشباب والقوميات الإيرانية مثل الكرد والبلوش وغيرهم. وبسبب أداء هذه المنظمة القمعية، زادت عمليات الإعدام بنسبة 70% مقارنة بالسنوات الماضية، حيث أعدم النظام في نوفمبر من هذا العام وحده 336 شخصًا، بمعدل 11 شخصًا يوميًا!
دبلوماسيو الإرهاب التابعون للفيلق في السفارات الإيرانية
على مدى الـ 45 عامًا الماضية، عمل دبلوماسيو الإرهاب التابعون لقوة القدس في فيلق حراس الولي الفقيه، داخل سفارات النظام، كذراع عملياتية لخامنئي بهدف احتجاز الرهائن والتفجير ونشر الإرهاب في جميع أنحاء العالم. لقد عمل الفيلق كعامل لزعزعة استقرار دول المنطقة من خلال الدعم العسكري والمالي للقوات الوكيلة لإشعال الحروب وقتل الناس في الشرق الأوسط، وبواسطة شركات وهمية كذراع للتجسس وسرقة التكنولوجيا وتهريب المواد اللازمة لصنع القنبلة الذرية.
اعترف جواد ظريف نفسه في تصريحات سابقة: “سفاراتنا لها هيكل أمني… سفارات إيران عملت منذ البداية بمنهج أمني… منذ البداية كانت أجندة وزارة خارجيتنا سياسية-أمنية. في التسعينيات، أُغلقت معاونية الشؤون الاقتصادية في وزارة الخارجية، وبدلاً منها، أُنشئت معاونيات إقليمية ذات توجه سياسي-أمني!”
هذه التصريحات تعني أن العمود الفقري لدبلوماسية هذا النظام، منذ البداية وحتى الآن، هو ضمان بقائه في مواجهة الشعب الإيراني، وتصدير الإرهاب، خاصة إلى دول المنطقة، للحفاظ على يده حرة في قمع الشعب والمقاومة الديمقراطية الإيرانية. وتم تمويل حماية بشار الأسد ديكتاتور سوريا والمساعدة في إشعال الحروب ضد دول المنطقة لهذا الغرض بتكلفة عشرات المليارات من الدولارات.
الإجراءات العالمية والمسؤولية القائمة
لقد قامت دول مثل الولايات المتحدة وكندا وأستراليا بتصنيف الفيلق بشكل قاطع ككيان إرهابي بسبب طبيعته الإرهابية والإجرامية. وصوت البرلمان البريطاني والبرلمان الأوروبي بأغلبية ساحقة لصالح تصنيف الفيلق ككيان إرهابي.
إن الحقيقة هي أن هذا النظام الذي يقع دون مستوى الحضارة البشرية لا يفهم إلا لغة القوة والحزم. وكما هو الحال الآن، بسبب كسر هيبة خامنئي ونظامه النووية والإقليمية، فقد أصبح ضعيفًا للغاية، وهذه هي أفضل الظروف لتصنيف الفيلق ككيان إرهابي. لقد انتهت فترة سياسة الاسترضاء الجبانة مع حرب الملالي وإرهابهم بعد آلية الزناد.
لقد أظهرت أستراليا أنه يمكن ويجب الوقوف في وجه إرهاب فيلق حراس الولي الفقيه والملالي الأصوليين وتحريضهم على الحرب. كل يوم تأخير يعني تشجيع الملالي على الإرهاب واحتجاز الرهائن والابتزاز، أي قتل وإعدام المزيد من أبناء الشعب الإيراني من قبل هذه الذراع الإرهابية للنظام. لقد اتخذ الشعب الإيراني قراره بإسقاط هذا النظام، وقد حان الوقت لأن يتخذ العالم قراره، إما أن يكون صامتًا ويشجع تصدير إرهاب الملالي، أو أن يصنف فيلق حراس الولي الفقيه بشكل قاطع ككيان إرهابي.
إرسال التعليق