صراع الذئاب في طهران: نظام يغرق في روضة أطفال سياسية وفساد يلتهم الشعب
تقدم وسائل الإعلام الحكومية الإيرانية الصادرة يوم الأحد، 2 نوفمبر 2025، صورة واضحة لنظام يعيش حالة “تعدد في السلطة” ممزوجة بانهيار اجتماعي شامل. من الصراع المتفجر في البرلمان والاتهامات المتبادلة بين الأجنحة، إلى الأزمات العميقة في الاقتصاد والصحة والإسكان وتغذية الأطفال، كل شيء يشير إلى بنية حكم مصابة بالشلل التام. لقد كشف الفساد المزمن والصراع على السلطة بين أقطاب النظام عن الهوة السحيقة بين الشعب والنظام، وهي هوة تزداد اتساعًا تحت ضغط التضخم وانهيار الرفاهية.
صراع الذئاب: “سياسة روضة الأطفال”
لم يعد الصراع الداخلي يدار في الخفاء؛ لقد تحول إلى “عداء” علني، كما وصفت صحيفة “شرق”، التي حذرت من أن “العنف اللفظي” والاتهامات المتبادلة بالخيانة ستدمر النظام لعدم وجود “حكم” قادر على لجم النزاع.
هذا الفراغ في السلطة المركزية فتح الباب أمام فوضى سياسية غير مسبوقة. محمد مهاجري، في مقال بصحيفة “آرمان ملي”، وصف المشهد بـ”روضة أطفال سياسية”، قائلاً إن “المشهد السياسي سقط في أيدي أطفال يلهون، وإقصاء القوى ذات الخبرة جعل الهيكل هشًا وقابلاً للكسر”. وفي البرلمان نفسه، وصل الصراع إلى حد المواجهات الكلامية الحادة بين رئيسه قاليباف ونواب متشددين مثل رسائي ونقد علي، وسط تهديدات باستجواب الوزراء، مما كشف عن انقسامات عميقة حتى داخل الجناح الأصولي.
تحذير من الداخل: “النظام في طريق مسدود”
الأخطر من هذا الصراع هو التحذيرات الوجودية التي بدأت تخرج من شخصيات تاريخية في النظام. ففي مقابلة صادمة مع صحيفة “ستاره صبح”، أعلن سيد هادي خامنئي (شقيق الولي الفقیة) أن “الجمهورية الإسلامية وصلت إلى طريق مسدود”. وأضاف: “النظام يتعرض لضغوط داخلية وخارجية غير مسبوقة… بعض القوى تفكر في الاستفتاء، وبعضها يفكر في خيارات أدنى. إذا لم نعالج المريض المصاب بالحمى في الوقت المناسب، فلن ينفع أي دواء. يجب ألا نضيع الوقت”. هذا الاعتراف من شخص بمكانة هادي خامنئي هو شهادة صريحة على أن النظام فقد أي فرصة للإصلاح الذاتي.
الفساد الهيكلي: من “بنك آينده” إلى أكشاك “3 مليار تومان”
بالتوازي مع الانهيار السياسي، يتكشف حجم الفساد الاقتصادي المروع. قضية “بنك آينده”، التي وصفتها صحيفة “شرق” بأنها كارثة تسببت في ديون بقيمة 750 ألف مليار تومان، ليست سوى قمة جبل الجليد. وأشارت الصحيفة إلى أن مصطلح “عدم التوازن” هو مجرد “غطاء قصير جدًا لإخفاء قامة الفساد الطويلة”.
هذا الفساد ليس مقتصراً على البنوك الكبرى، بل وصل إلى أبسط مناحي الحياة. صحيفة “توسعه إيراني” كشفت أن إيجار كشك صغير لبيع الفاكهة في ميادين تابعة للبلدية وصل إلى 3 مليارات تومان شهريًا، في دليل على “فساد هيكلي” في البلديات التي تمنح التراخيص لمن يدفع أكثر. وفي الوقت نفسه، هاجمت صحيفة “كيهان” الحكومة متسائلة: “إذا كانت الحكومة لا تملك ميزانية لدفع الرواتب، فلماذا لا تستعيد 96 مليار دولار من عائدات التصدير؟”، مشيرة إلى أن 95% من هذا المبلغ الضخم يعود لـ 600 شخص فقط.
انهيار المجتمع: طرد الفقراء وتجويع الأطفال
النتيجة الحتمية لهذا الفساد السياسي والاقتصادي هي انهيار كامل للنسيج الاجتماعي. صحيفة “بهارنيوز” في تحليل مؤلم بعنوان “عمر من الركض من أجل بضعة أمتار للنوم”، وصفت كيف يتم طرد الفقراء والطبقة الوسطى من طهران وتحويلها إلى “مدينة للأثرياء فقط”. وأشارت إلى أن الإيجارات تبتلع 100% من دخل الأسر، مما يجبرهم على العيش في “عشوائيات” هامشية، في حين يوجد 2.5 مليون منزل فارغ داخل المدن يمتلكها المضاربون.
هذا الفقر يتحول إلى كارثة صحية وإنسانية. نفس الصحيفة ذكرت أن 14.5% من الأطفال الإيرانيين يعانون من سوء التغذية، وأن 120 ألف حالة وفاة سنويًا مرتبطة مباشرة بالتغذية السيئة، في وقت بلغ فيه تضخم المواد الغذائية 64%. وفي قطاع الصحة، كشفت صحيفة “خراسان” عن “أزمة في مهنة الطب”، حيث أن نصف الأطباء العامين في مدينة مشهد لم يحصلوا على ترخيص مزاولة المهنة، ومن أصل 5700 طبيب، هناك ألف عيادة فقط نشطة، مما يعكس هروب الكوادر الطبية من النظام الصحي المنهار.
إرسال التعليق