دولة الفرد الواحد

دولة الفرد الواحد

أثبتت أزمة سد النهضة خطأ الإعتماد على القرار المنفرد الذي اعتمدته الدولة المصرية منذ سنوات طويلة ولا أبالغ أن الأمر منذ عهد الفراعنة عندما قال فرعون لقومه انا ربكم الأعلى فاستحف قومه فأطاعوه وكان نتاج هذا غرق فرعون وقومه في اليم ولو خرج رجل رشيد من قومه يتصدى لاستبداده لما حدث ما حدث ولكن قومه خضعوا لاستبداد هذا الحاكم وهو ما زاد من ظلمه وتجبره ويبدوا أن الخضوع للحاكم المستبد أصبح نهج تسير عليه الأجيال تلو الأجيال وهو الأمر الذي أوقع الدولة المصرية في نكبات تلو النكبات خاصة إذا أحاطت بهذا الحاكم نخبة من المنافقين والمفسدين حتى لو تملكت هذا الحاكم نزعة وطنية فكانت تلك النخبة كفيلة بأفساده لتحقيق مصالحها الذاتية حتى لو كان هذا على حساب الشعب والوطن وهناك أمثلة عديدة لتاريخ مصر في هذا المجال ففي العهد الملكي عندما وصل الملك فاروق إلى السلطة كانت له ميول وطنية وهو الأمر الذي وضع آمال لدى الشعب بالاصلاح إلا أن النخبة الفاسدة التي أحاطت به وكان بعضهم من جنسيات أجنبية تعمل لصالح الدول التي تأتمر بأمرهم قاومت تلك النزعة الوطنية حتى أصبح حاكم يخضع لنزواته وكان من الطبيعي أن ينقلب الشعب ضده حتى كانت نهايته بانقلاب عسكري قاده مجموعة من الشباب الوطني ورغم وطنية عبد الناصر التي لا مجال للتشكيك فيها كزعيم وطني عروبي إلا أن الخطأ تكرر بسبب سوء اختياراته للنخبة المحيطة به والهالة التي احاطوها به باعتباره الزعيم الوطني والقائد الملهم والتي جعلت عبد الناصر يتغافل عن الأخطاء التي ارتكبتها والتي أوصلت مصر إلى نكسة لا نزال نعاني من آثارها وتكررت تلك الأخطاء في عهد السادات ومبارك والتي انتهت بمقتل وثورة ضد نظام مبارك من خلال ثورة شعبية أوصلت البلاد إلى ثورة شعبية أوصلت الإخوان إلى حكم مصر لأول مرة ورغم الأخطاء التي ارتكبها الإخوان خلال فترة حكمهم إلا أن الحكمة كانت تتطلب استمرار تلك التجربة وليقول الشعب في النهاية كلمته إلا أن المؤسسة العسكرية استولت على السلطة ليعود مرة أخرى حكم الفرد والتي أدت إلى كوارث لا نزال نعاني منها حتى الآن وكان أبرزها كارثة سد النهضة والتي أدت إلى تحكم إثيوبيا في مياه النيل وتهديدها حصة مصر المائية بعد مفاوضات فاشلة استمرت 14 عاما لم يتحرك فيها النظام سوى بالشعارات فضلا عن الديون الخارجية التي وصلت إلى 165 مليار دولار استدانتها الدولة في إقامة مشروعات أثقلت الدولة بالديون وارهقت كاهل المواطن الذي أصبح يعيش تحت خط الفقر ، أننا في تلك الفترة الحاسمة من تاريخ مصر والتي تتعرض فيه بلادنا لأخطار محدقة في الداخل والخارج أناشد الرئيس السيسي أن يراجع نفسه ويعود إلى الشعب بمؤسساته ومفكريه لإقامة حكم ديمقراطي حقيقي لأن هذا هو السبيل الوحيد لإنقاذ الوطن من التحديات الخطيرة التي تهدد حاضره ومستقبله وبدون هذا فإننا سنسير من سيئ إلى اسوء وربما نتعرض لنكسات يصعب تجاوزها في عالم لا مكان فيه للضعفاء أو المتخاذلين فهل نتدارك هذا الوضع قبل أن يضيع كل شيئ وعندئذ لن ينفع الندم ولن تجدي الدموع .

مصطفى عمارة

إرسال التعليق