الإعدام في إيران: جريمة ضدّ الإنسانية وأداة بقاء لنظامٍ يحتضر

الإعدام في إيران: جريمة ضدّ الإنسانية وأداة بقاء لنظامٍ يحتضر

منصور رخشاني
في اليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام (10 تشرين الأول/أكتوبر 2025)، عاد الضوء العالمي ليسلّط مجدداً على مأساة حقوق الإنسان في إيران. فقد شهدت العاصمة البريطانية لندن مؤتمراً دولياً تحت شعار «لا للإعدام»، نظّمه المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية بمشاركة شخصيات بارزة، بينها جاويد رحمان المقرر الخاص السابق للأمم المتحدة لحقوق الإنسان في إيران، ومريم رجوي الرئيسة المنتخبة للمجلس، إلى جانب شخصيات أوروبية وازنة مثل جون بيركو الرئيس السابق لمجلس العموم البريطاني، وتيريزا ڤيلييه وزيرة البيئة السابقة، والسيناتور جوليو تيرزي من إيطاليا.
هذا المؤتمر لم يكن مجرّد وقفة رمزية ضدّ الإعدامات الجماعية، بل تحوّل إلى دعوة مفتوحة لمحاكمة مرتكبي الجرائم في طهران، وإنهاء العزلة الدولية التي تعمّقت بعد تفعيل آلية «الزناد» في أيلول/سبتمبر 2025، وما تبعها من عقوبات مشدّدة على النظام الإيراني.
جاويد رحمان وصف الإعدامات الجارية في إيران بأنها «جريمة ضدّ الإنسانية»، وهو توصيف أعاد التأكيد عليه في تقريره التاريخي المقدّم إلى الأمم المتحدة هذا العام. التقرير، المبني على شهادات ضحايا وشهود موثوقين، أكّد أنّ الإعدامات، ولا سيما مجزرة عام 1988، تمثّل جزءاً من سياسة ممنهجة للقضاء على المعارضين السياسيين. وكشف رحمان أنّ عام 2025 وحده شهد أكثر من 1200 عملية إعدام، في أعلى حصيلة منذ سنوات، واصفاً هذه الموجة بأنها «أداة لبثّ الرعب والحفاظ على سلطة نظامٍ يترنّح على حافة السقوط».
وفي رسالة مصوّرة إلى المؤتمر، وصفت مريم رجوي النظام الإيراني بأنه «وحش الموت»، مؤكدة أن الإعدامات التعسفية ليست دليلاً على القوة، بل على الخوف والضعف الداخلي. وقالت:
«في هذا اليوم، يعبّر ضمير العالم عن غضبه واشمئزازه من دكتاتورية دينية جعلت الإعدام وسيلة لبقائها. إنّ هذه الجرائم دليل على أنّ النظام في طريقه إلى الزوال».
رجوي أشارت إلى إعدام 81 شخصاً في أيلول/سبتمبر 2025 وحده، داعيةً المجتمع الدولي إلى تحرّك عاجل لوقف هذه الجرائم، مؤكدة أنّ «الطريق لإنهاء الكارثة يمرّ عبر التضامن الدولي ودعم نضال الشعب الإيراني». كما جدّدت الدعوة إلى محاكمة قادة النظام، وعلى رأسهم علي خامنئي، أمام المحاكم الدولية.
تقرير جاويد رحمان لعام 2025، الذي خصّص فصلاً للإعدامات في الثمانينيات واستمرارها حتى اليوم، قدّم أدلة دامغة على أنّ النظام الإيراني يستخدم الإعدام كأداة للبقاء السياسي، خصوصاً في ظل أزماته الداخلية والخارجية المتفاقمة.
تفعيل آلية الزناد في 28 أيلول/سبتمبر 2025 أدخل النظام في حصار دولي شامل شمل القيود النووية والصاروخية والتسليحية والمالية، ما عمّق شلله الاقتصادي وعزلته الدبلوماسية. مريم رجوي رأت في هذا التطور فرصة لتكثيف الضغط على النظام، مؤكدة أن «عمليات الإعدام والقمع الداخلي هي ردّ النظام على الضغوط الدولية وتصاعد الغضب الشعبي».
وتشير مصادر حقوقية إلى أنّ طهران تستخدم الإعدامات كـ«أداة للبقاء السياسي»، مستندة إلى اتهامات مبهمة مثل «المحاربة» أو «جرائم المخدرات» لتصفية المعارضين والناشطين والأقليات. واعتبر رحمان أنّ هذه السياسة انتهاك صارخ للقانون الدولي وتشكل جريمة ضدّ الإنسانية تستوجب إحالة الملف إلى المحكمة الجنائية الدولية (ICC).
مؤتمر لندن في 11 تشرين الأول/أكتوبر وجّه رسالة حازمة إلى المجتمع الدولي مفادها أنّ النظام الإيراني يعيش أضعف مراحله، وأنّ الوقت قد حان لتحرّك دولي حاسم. كلّ من رحمان ورجوي شدّدا على ضرورة تشكيل تحالف دولي لوقف الإعدامات ومحاسبة المسؤولين عنها.
واختتمت مريم رجوي كلمتها بالتأكيد على أنّ «الشعب الإيراني أثبت بصموده أنّ هذا النظام محكوم بالسقوط، وأنّ على العالم أن يقف إلى جانبه».
تأتي هذه الرسائل والتقارير لتؤكد أن الإعدام في إيران ليس مجرّد انتهاكٍ لحقوق الإنسان، بل استراتيجية ممنهجة لبقاء نظامٍ مأزومٍ ومفكّك. ومع تزايد العزلة الدولية، يمكن للمجتمع الدولي عبر العقوبات والضغوط الدبلوماسية أن يلعب دوراً محورياً في وقف هذه الجرائم. غير أنّ الحرية الحقيقية لإيران، كما شدّدت رجوي، رهنٌ بمقاومة الشعب الإيراني ودعم العالم لها.

إرسال التعليق