صحيفة “اعتماد” الإيرانية تكشف: النظام يأمر بإخفاء مئات الضحايا في كارثة بندر عباس

صحيفة “اعتماد” الإيرانية تكشف: النظام يأمر بإخفاء مئات الضحايا في كارثة بندر عباس

مقدمة
في 26 أبريل 2025، هز انفجار مدمر ميناء شهيد رجائي في بندر عباس، أكبر مرفأ تجاري في إيران، مخلفًا مئات القتلى وآلاف الجرحى. لم يكن الحادث مجرد كارثة صناعية، بل جريمة مروعة كشفت عن إهمال النظام الإيراني وتورط الحرس الثوري في إدارة مواد خطرة في مرفأ مدني. استند هذا التقرير إلى تقرير حصري نشرته صحيفة “اعتماد”، التي وثقت شهادات الشهود ومشاهد الدمار المؤلمة. من خلال هذه الشهادات، وخاصة قصة مرتضى موظف الجمارك، يستعرض التقرير حجم الكارثة، وجهود النظام لإخفاء الحقائق، ودور الحرس الثوري في هذه المأساة.
المشهد الدامي: ما وثقته صحيفة اعتماد
وفقًا لتقرير صحيفة “اعتماد”، وقع الانفجار في الساعة 12:05 ظهرًا، بدأ بحاوية تحتوي على مواد كيميائية متفجرة مثل نترات الأمونيوم وكبسولات غاز مضغوط، ثم تبعته انفجارات ثانوية دمرت عشرات الحاويات والبنية التحتية. تحولت مباني شركتي “سينا” و”خزر قشم” إلى أنقاض مشتعلة، حيث لا تزال جثث الضحايا مدفونة تحت الأنقاض بسبب الحرائق التي تذيب حتى معدات الإطفاء. وصف التقرير عمودًا من الدخان الرمادي والأسود يتصاعد إلى السماء، بينما يحيط الرعب بالمدينة.
مرتضى، موظف في جمارك رجائي، كان يتحدث مع زملائه عندما ضرب الانفجار. يروي لـ”اعتماد”: “كأن السماء انهارت. الزجاج تحطم، والجدران اهتزت، وأُلقيتُ على الحائط كقطعة لحم. رأيت زملائي ملقين على الأرض، وجوههم ممزقة بالزجاج، وأطرافهم مكسورة. الدماء تغطي الأرضية، وصرخات الجرحى تمزق القلب”. يضيف: “رأيت رجلاً يزحف بساقين ممزقتين، وامرأة تصرخ بحثًا عن طفلها وسط النيران. كان كجحيم لا ينتهي”. وثقت “اعتماد” مشاهد المؤلمة: أطفال محاصرون تحت الأنقاض، وأمهات يبكين أمام أجساد أحبائهم، بينما تمنع النيران فرق الإنقاذ من الاقتراب.
• الضحايا: بينما تتحدث التقارير الرسمية عن 46 قتيلًا و1200 جريح، نقلت “اعتماد” عن مصادر محلية أن العدد قد يصل إلى 400-500 قتيل، مع مفقودين تحت الأنقاض. مستشفيات محمدي وخاتم الأنبياء مكتظة، ونُقل العديد من المصابين إلى شيراز وكرمان.
• التلوث: تسبب تسرب الأمونيا والنترات في تلوث هواء المدينة. نقلت “اعتماد” عن أحد السكان: “الهواء يحمل رائحة الموت. لا نستطيع التنفس إلا بأقنعة”.
• الدمار: دُمرت المباني الإدارية وأقسام المبيعات، مع انفجار حاويات إضافية في الصباح التالي، مما زاد من الرعب.
إجراءات النظام لإخفاء الحقائق
وثقت صحيفة “اعتماد” جهود النظام الإيراني للتستر على الكارثة، مما يكشف محاولاته لمنع الحقائق من الوصول إلى العالم:
• قمع الإعلام: حذرت السلطات الصحفيين والمواطنين من نشر المعلومات على وسائل التواصل الاجتماعي، مهددة بالعقوبات بتهمة “تعكير الأمن النفسي”. نقلت “اعتماد” أن النظام يكتم الأعداد الحقيقية؟؟، حيث تُقدر الوفيات بمئات بينما تُعلن أرقامًا أقل بكثير.
• التعتيم على الأسباب: رفضت الحكومة تفسير وجود مواد عسكرية وكيميائية في مرفأ مدني، مما أثار شكوكًا حول تورط جهات عليا.
• حظر الوصول: أغلقت المدينة بالكامل، ومُنع الصحفيون والمحققون المستقلون من الاقتراب من موقع الانفجار، مما حال دون توثيق الأضرار أو إحصاء الضحايا بدقة.
• التلاعب بالإحصاءات: ذكرت “اعتماد” أن مستشفى محمدي وحده سجل 150 قتيلًا، لكن النظام يرفض الاعتراف بهذه الأرقام، مفضلاً إبقاء الإحصاءات مبهمة لتقليل حجم الكارثة.
دور الحرس الثوري في الجريمة
تشير تفاصيل تقرير “اعتماد” إلى أن الحرس الثوري هو المسؤول الأساسي عن هذه الكارثة:
• تخزين المواد الخطرة: كان الحرس مسؤولاً عن تخزين نترات الأمونيوم وكبسولات الغاز في مرفأ شهيد رجائي، وهي مواد تُستخدم في الصناعات العسكرية مثل إنتاج الصواريخ. وثقت “اعتماد” وجود “مواد مشبوهة” مثل كبسولات غاز ومواد بتروكيماوية لا يفترض وجودها في مرفأ مدني.
• انتهاك معايير السلامة: فشل الحرس في تطبيق بروتوكولات السلامة، مما سمح بتخزين هذه المواد بطريقة غير آمنة، مشابهة لانفجار بيروت 2020.
• استغلال المرافئ المدنية: نقلت “اعتماد” عن أحد السكان: “هذا مرفأ مدني، فلماذا تُخزن هذه المواد هنا؟”. يستخدم الحرس الموانئ المدنية لنقل المواد العسكرية وتجنب العقوبات الدولية، معرضًا حياة المدنيين للخطر.
• التستر على المسؤولية: من خلال سيطرته على الموانئ والمؤسسات الأمنية، يمنع الحرس التحقيقات المستقلة، محميًا قادته من المساءلة.
التداعيات: غضب شعبي وأزمة إنسانية
وثقت “اعتماد” غضبًا شعبيًا عارمًا، حيث يتهم السكان النظام بالتضحية بحياتهم لأجل أجندات عسكرية. يقول أحد السكان: “الناس غاضبون جدًا، وإذا علموا أن الحكومة وراء هذا، لن يرحموا”. المدينة تُعاني من تلوث الهواء، إغلاق المدارس، ونقص الأدوية، مما يفاقم الأزمة الإنسانية. اقتصاديًا، توقف الميناء، الذي يتعامل مع 80 مليون طن من البضائع سنويًا، ضرب التجارة البحرية، مما يهدد بتفاقم الفقر والتضخم.
الخاتمة والتوصيات
يكشف انفجار بندر عباس، كما وثقته صحيفة “اعتماد”، عن إهمال النظام الإيراني وتورط الحرس الثوري في كارثة أودت بحياة المئات. المشاهد الدامية، من جثث تحت الأنقاض إلى صرخات الجرحى، تُظهر مأساة الشعب الإيراني. يجب إجراء تحقيق دولي شفاف، ومحاسبة المسؤولين، ووقف استخدام المرافئ المدنية لأغراض عسكرية. دون ذلك، سيظل الإيرانيون عرضة لكوارث مماثلة، بينما يواصل النظام التستر على جرائمه.

Previous post

قبيل مغادرة وفد المخابرات الإسرائيلية القاهرة مصدر أمني رفيع المستوى للزمان الوفد الإسرائيلي عرض على مصر آلية لإدخال المساعدات إلى غزة وسلاح حماس يحول دون التوصل إلى إتفاق النهائي.

Next post

رئيس البرلمان التركي: العالم في بداية عملية تغيير كبيرة للموازين السياسية والاقتصادية

إرسال التعليق