البرلمان الأوروبي يقرع جرس الإنذار حول الإعدامات في إيران

بروكسل – الزمان – الأربعاء 10 ديسمبر
خاص – إعداد: مصطفى عمارة
في مشهد سياسي وحقوقي لافت، تحوّل مقرّ البرلمان الأوروبي في بروكسل، الأربعاء، إلى منبر مفتوح لمساءلة سجلّ حقوق الإنسان في إيران، وذلك خلال أعمال المؤتمر الأول من بين مؤتمرين دوليين عُقدا تزامنًا مع اليوم العالمي لحقوق الإنسان، بمشاركة زعيمة المقاومة الإيرانية السيدة مريم رجوي، إلى جانب عدد كبير من النواب الأوروبيين والخبراء والشخصيات السياسية.
النقاشات حملت طابعًا استثنائيًا، في ظل التطورات المتسارعة في الشرق الأوسط، حيث اتفق معظم المتحدثين على أن «تجربة الحرب الأخيرة» التي استمرت 12 يومًا أعادت تثبيت قناعة راسخة مفادها أن طريق الخروج من الأزمة الإيرانية لا يمرّ عبر المواجهة العسكرية ولا عبر سياسة الاسترضاء، بل عبر ما بات يُعرف بـ«الخيار الثالث»: تغيير النظام من داخل إيران على يد الشعب ومقاومته المنظمة.
زفير: إيران تحدٍّ عالمي لحقوق الإنسان
رئيس الجلسة، النائب السلوفيني ميلان زفير، قال إن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي أُقرّ قبل 77 عامًا وُضع أصلًا لحماية الشعوب من أنظمة «تحكم بالإعدام والخوف»، معتبرًا أن النظام الإيراني يمثّل اليوم أحد أخطر هذه النماذج. وأشار إلى القمع الممنهج ضد النساء والطلاب والصحفيين والأقليات، إضافة إلى تمويل الجماعات المتطرفة، ما يجعل من طهران مصدر تهديد يتجاوز حدود الإقليم. وكشف أن النظام وضع عدداً من النواب الأوروبيين على قوائم الإرهاب، إلا أنه شدد على أن هذا «لن يثني أوروبا عن دعم الشعب الإيراني».
تحذيرات من تكرار سيناريو 1988
من جانبه، حذّر النائب الليتواني پتراس أوشتريفيتشوس من أن الأحكام الأخيرة بالإعدام بحق السجناء السياسيين تنذر بتكرار جرائم الماضي، وفي مقدمتها مجزرة عام 1988. ودعا الاتحاد الأوروبي إلى تحرك عاجل يبدأ بإحالة الملف إلى مجلس الأمن، وتفعيل الولاية القضائية العالمية، والسماح بزيارات أممية للسجون الإيرانية.
الإعدامات رسالة تحدٍّ مباشرة
النائب البرتغالي فرانسيسكو أسيس اعتبر أن إعدام بهروز إحساني ومهدي حسني، بسبب دعمهما المعارضة، يشكّل «رسالة تحدٍّ مباشرة» للبرلمان الأوروبي الذي طالب بالإفراج عنهما في قرار سابق. وقال إن النظام يسعى إلى فرض معادلة الإفلات من العقاب، داعيًا إلى وقف أي حوار مع طهران ما لم تتوقف الإعدامات فعليًا.
النساء في قلب المواجهة
السياسي الإيطالي ليو لوكا أورلاندو شدد على أن قيادة النساء للمقاومة الإيرانية تمثّل عنصرًا مفصليًا في الصراع مع نظام يقوم على التمييز المنهجي. وقال إن هذا النموذج النسوي المقاوم يبعث برسالة تتجاوز إيران إلى كامل الشرق الأوسط الباحث عن بديل ديمقراطي للاستبداد الديني.
البديل السياسي يكتسب اعترافًا أوروبيًا
بدوره، أكد النائب البلغاري أندري كوفاتشيف أن المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية وخطة السيدة رجوي ذات النقاط العشر يحظيان باعتراف متزايد داخل البرلمان الأوروبي، داعيًا إلى التعامل مع هذا البديل كشريك شرعي في أي مقاربة جادة لمستقبل إيران.
توصيف قانوني: جرائم ضد الإنسانية
القاضي الليتواني السابق داينيوس ژاليمس رأى أن ما وثقته تقارير الأمم المتحدة يضع النظام الإيراني في خانة الجرائم ضد الإنسانية وربما الإبادة، داعيًا الاتحاد الأوروبي إلى إنشاء آلية دولية للمحاسبة.
لا حرب ولا استرضاء
الجنرال الفنلندي السابق پكّا توڤري وصف النظام بأنه كيان يعيش على حافة الانهيار الاقتصادي والبيئي، مؤكدًا أن الحرب لن تجلب التغيير، كما أن الاسترضاء أثبت فشله. وخلص إلى أن «الخيار الثالث» يبقى الطريق الواقعي الوحيد لإيران ديمقراطية.
انتهى المؤتمر الأول برسالة واضحة مفادها أن أوروبا باتت أمام لحظة حاسمة: إمّا الاستمرار في سياسة التردد، أو الانتقال إلى مرحلة الضغط والمحاسبة وربط العلاقات مع طهران بوقف الإعدامات واحترام الحد الأدنى من المعايير الحقوقية. وفي صلب هذه الرسالة برز مجددًا «الخيار الثالث» كعنوان لمرحلة جديدة من الصراع بين الشعب الإيراني ونظام الولي الفقيه.