مخاوف إيران من إحلال السلام وحلّ الدولتين سقوط ورقة “المقاومة” وانكشاف الملفات الداخلية

مخاوف إيران من إحلال السلام وحلّ الدولتين سقوط ورقة “المقاومة” وانكشاف الملفات الداخلية

بقلم: طاهر التميمي

رغم الشعارات التي ترفعها طهران منذ عقود دفاعًا عن القضية الفلسطينية، إلا أن القراءة المتأنية للمشهد تُظهر أن إيران استخدمت هذه القضية كورقة سياسية أكثر من كونها التزامًا مبدئيًا بحقوق الشعب الفلسطيني.
فمن خلال دعمها لبعض فصائل المقاومة الفلسطينية، سعت إيران إلى ترسيخ نفوذها الإقليمي وتقديم نفسها كقوة “ممانعة” في وجه الغرب والعالم العربي، لا كمدافع حقيقي عن فلسطين.

ورقة المقاومة… وسلاح النفوذ

اعتمدت إيران على دعم الفصائل الفلسطينية المسلحة — مثل حركتي حماس والجهاد الإسلامي — كوسيلة للحفاظ على حالة توتر دائم في المنطقة، تُبرر عبرها سياساتها التوسعية وتُعزز بها حضورها الإقليمي.
لكن في حال تحقق السلام بين العرب وإسرائيل، وخاصة ضمن إطار حلّ الدولتين، فإن هذه الورقة ستسقط من يد طهران، لتفقد واحدة من أهم أدوات تأثيرها في المنطقة.

عزلة سياسية متوقعة

تحقيق سلام عربي–إسرائيلي شامل سيضع إيران أمام عزلة سياسية متزايدة.
فمع اندفاع أغلب الدول العربية نحو التطبيع وبناء علاقات طبيعية مع إسرائيل والغرب، ستبدو طهران وكأنها القوة الوحيدة المعرقلة لمسار السلام، ما سيؤدي إلى تشديد الضغوط والعقوبات عليها، وربما تراجع حلفائها الإقليميين عن دعمها.
كما أن فقدان مبرر “المواجهة الدائمة” مع إسرائيل سيُضعف حجتها في بناء ترسانتها الصاروخية ودعم الميليشيات الموالية لها في لبنان واليمن والعراق وغزة.

القلق من انكشاف الداخل الإيراني

لا تتوقف مخاوف إيران عند حدود السياسة الخارجية. فنجاح مسار السلام العربي–الإسرائيلي قد يفتح الباب أمام تحول الاهتمام العربي والدولي نحو الداخل الإيراني نفسه، حيث تتصاعد المطالب بتحرير الأحواز العربية والقوميات غير الفارسية مثل الأكراد والبلوش والتركمان، الذين يعانون التهميش الاحتلال الايراني منذ عقود.

إضافة إلى ذلك، فإن قضية الجزر الإماراتية الثلاث المحتلة (طنب الكبرى، طنب الصغرى، وأبو موسى) قد تعود إلى الواجهة كملف إقليمي ساخن، خاصة في ظل أجواء سلام جديدة تشجع على تسوية النزاعات الحدودية بالطرق السلمية.

الخاتم

إن إحلال السلام في الشرق الأوسط، إذا تحقق، لن يُعيد رسم الخريطة السياسية بين العرب وإسرائيل فحسب، بل سيُعيد أيضًا تحديد موقع إيران في المعادلة الإقليمية.
فقدانها لورقة “المقاومة” سيُعرّي مشروعها التوسّعي، ويضعها أمام ملفات مؤجلة منذ عقود، داخل حدودها وخارجها، في وقت يتجه فيه العالم نحو سلام واقعي لا مكان فيه للشعارات القديمة.

طاهر التميمي الأحوازي
عضو المكتب السياسي في الجبهة الديمقراطية الشعبية الأحوازية و مسئول في مكتب العلاقات العربية تابع للجبهةالديمقراطية الشعبيةالأحوازية
(جدش)
التاريخ
العاشر من أكتوبر عام 2025
النرويج: اسلو

Previous post

قَبِلَ دعوةَ السيسي لترامب لحضور احتفال التوقيع على اتفاق انتهاء الحرب بين حماس وإسرائيل. مصدرٌ دبلوماسيٌّ رفيعُ المستوى للزمان: دعوةُ السيسي لترامب جاءت لضمان أن تكون الولايات المتحدة شاهدةً على الاتفاق والعمل على تحسين العلاقات معها.

Next post

نداء إلى أصحاب القرار وإلى شعبنا وفِي العالم

إرسال التعليق