مؤتمر دولي في لندن يدعو لوقف الإعدامات في إيران وإحالة ملفّ طهران إلى مجلس الأمن
كتب – مصطفي عمارة
لندن – 11 تشرين الأول/أكتوبر 2025 | الزمان
دعا مؤتمر دولي عُقد في تشيرتش هاوس – ويستمينستر بالعاصمة البريطانية لندن، بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام، إلى تحرّكٍ دولي عاجل لوقف أحكام الإعدام التي تهدّد 17 سجيناً سياسياً في إيران متهمين بالانتماء إلى منظمة مجاهدي خلق الإيرانية ، في ظلّ تصاعد غير مسبوق لحملات القمع والإعدامات.
تصدّرت أعمال المؤتمر الرئيسة المنتخبة للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية بكلمةٍ رئيسية أكدت فيها أنّ عقوبة الإعدام تحوّلت إلى «أداةٍ سياسية لترهيب المجتمع»، داعيةً المجتمع الدولي إلى ربط أيّ انخراطٍ مع طهران بوقف فوري للإعدامات، ووقف «المقايضة على حقوق الإنسان» في سياق الصفقات النووية أو الحسابات الجيوسياسية. وأشارت إلى أن المحاكمات بحق السجناء السياسيين «شكلية»، وأن المتّهمين يتعرّضون للتعذيب ويُحرمون من الدفاع، فيما تُحسم الأحكام «سلفاً» من قبل دوائر القرار العليا. وطالبت بفتح جلسات محاكمات السجناء للرأي العام، والسماح لجانٍ دولية بزيارة طهران وتفقّد حالات الوفاة داخل السجون، ومنها قضية سمية رشيدي التي توفيت بعد «حرمانٍ متعمّد من العلاج».
وفي افتتاح الجلسات، أعلنت البارونة نوالا أولوون (DBE MRIA) توقيع أكثر من 500 شخصية دولية من برلمانيين ومسؤولين سابقين ومدافعين عن حقوق الإنسان على بيانٍ يندّد بالإعدامات والانتهاكات في إيران. وأبرزت أولوون معطيات صادمة مفادها أنّ شخصاً يُعدَم كل ثلاث ساعات ونصف في البلاد، وأنه منذ تسلّم مسعود پزشكيان الرئاسة في تموز/يوليو 2024 تخطّى عدد الإعدامات الموثّقة 1,820 حالة. واعتبرت أن تسارع الإعدامات «استراتيجية مقصودة لترهيب شعبٍ يطالب بالتغيير الديمقراطي»، مندّدةً بتمجيد النظام لمجزرة 1988 التي طالت نحو 30 ألف سجين سياسي، وبمحاولات طمس الأدلة عبر تدمير المقابر الجماعية. ودعت حكومة المملكة المتحدة إلى إحالة ملف حقوق الإنسان الإيراني إلى مجلس الأمن تمهيداً لإجراءات أمام المحكمة الجنائية الدولية، وفرض عقوبات محددة على المرشد الأعلى وكبار المسؤولين، وتفعيل الولاية القضائية العالمية لملاحقة مرتكبي الجرائم ضد الإنسانية، مع الاعتراف بالمنصة الديمقراطية للمجلس الوطني للمقاومة من أجل «إيران بلا إعدام».
من جهتها، قدّمت إنغريد بيتانكور، السيناتورة الكولومبية والمرشحة الرئاسية السابقة، شهادةً لافتة عن مقاومة السجناء من داخل المعتقلات، مشيرةً إلى حملة «ثلاثاء لا للإعدام» التي يقوم بها سجناء الرأي منذ 20 شهراً متتالياً، حيث يمتنعون عن الطعام كل يوم ثلاثاء—وهو يوم تنفيذ الإعدامات—«محوّلين الجوع إلى سلاحٍ أخلاقي يفضح الجلادين». وقالت بيتانكور: «عقوبة الإعدام في إيران ليست إجراءً قضائياً، بل سلاحٌ سياسيّ همجي لإسكات المعارضين». وأكّدت أن كثيراً من المحكومين ينتمون إلى حركةٍ «تمثّل الأمل والبديل عن الدكتاتورية»، ورفضوا عروض «النجاة» مقابل التنصّل من مواقفهم.
بدوره، وصف جون بيركو، رئيس مجلس العموم البريطاني الأسبق، ما يجري في إيران بأنه «ليس حتى ادّعاءً بالعدالة، بل أداءٌ وحشي لكسر الناس وإراداتهم»، مؤكداً أنّ المطلوب هو أولوية يومية في سياسات لندن للضغط الدولي. وقال: «ما نطالب به هو حرية وديمقراطية وعدالة وحكم قانون ومساواة بين الجنسين وجمهورية غير نووية وفصل للدين عن الدولة وتعدديّة سياسية… لهيب الحرية قد يخبو أحياناً لكنه لا ينطفئ». وحضّ بيركو الحكومة البريطانية على تبنّي إجراءاتٍ أشدّ صرامة للتسريع في انتهاء هذا النظام.
أما تيريزا فيلييرز، الوزيرة البريطانية السابقة، فأشارت إلى نتائج لجنة الاستخبارات والأمن في البرلمان (ISC) التي خلصت بوضوح إلى أن طهران تستخدم الاغتيال كأداةٍ رسمية، بل وتلجأ إلى عصابات إجرامية لاستهداف المعارضين، لافتةً إلى ما لا يقل عن 15 محاولة قتل أو خطف ضد بريطانيين أو مقيمين في المملكة المتحدة منذ مطلع 2022. واعتبرت أن النظام الإيراني تهديد مباشر لمصالح بريطانيا في الداخل والخارج، داعيةً إلى إعادة فرض العقوبات التي رُفعت بموجب الاتفاق النووي، وتصنيف الحرس الثوري الإيراني (IRGC) منظمةً إرهابية محظورة.
وتقاطعت مداخلات المشاركين مع بيانٍ مشترك صدر عن أكثر من 500 شخصية على ضفّتي الأطلسي—بينهم برلمانيون ووزراء سابقون وشخصيات قضائية وعسكرية—أكد أنّ السلطات في طهران تستخدم عقوبة الإعدام لترويع المجتمع لا لإحقاق العدالة، وأنّ الإفلات من العقاب المتجذّر مكّن استمرار الجرائم. ودعا البيان إلى إحالة الملف إلى مجلس الأمن لاعتماد إجراءاتٍ عقابية ملموسة، محذّراً من «تكرار المآسي» ومشدداً على أن القضية «اختبارٌ لمصداقية المجتمع الدولي» في حماية قيمه ومنع الفظائع الجماعية.
كما شاركت عائلات سجناء سياسيين وضحايا في الجلسات، مؤكدةً أن المؤتمر جزءٌ من حملةٍ استراتيجية لمواجهة «تسليح عقوبة الإعدام ضد الشعب الإيراني»، ومشددةً على أنّ وقف الإعدامات ومحاسبة المسؤولين ودعم بديلٍ ديمقراطي هي ركائز لأيّ مقاربة دولية فاعلة. وخَلُصت مداولات المؤتمر إلى ضرورة توحيد الجهود الأوروبية والدولية لوقف موجة الإعدامات، وتمكين آليات المساءلة، وتثبيت شروطٍ حقوقية واضحة لأيّ تواصل مع طهران، بما يضمن حقّ الإيرانيين في تقرير المصير والانتقال إلى جمهورية مدنية غير نووية تحترم كرامة الإنسان وسيادة القانون.
إرسال التعليق