نيوزويك: الشعب الإيراني يظل الأمل الأفضل لتغيير النظام
في مقال نشره موقع “نيوزويك“، يرى الكاتب توم ريدج، الحاكم السابق لولاية بنسلفانيا وأول وزير للأمن الداخلي في الولايات المتحدة، أن الأمل الحقيقي للتغيير في إيران لا يكمن في الضغط الخارجي أو الحرب، بل في القوة المتنامية للشعب الإيراني ومقاومته المنظمة. ويؤكد ريدج أن سياسة استرضاء النظام قد فشلت، وأن الغرب يجب أن يدعم “الخيار الثالث”، وهو التغيير على يد الشعب الإيراني.
بعد ستة وأربعين عامًا من ثورة 1979، لا تزال نقطة ضعف نظام الملالي الحقيقية ليست الضغط الأجنبي أو الحرب الخارجية، بل القوة المتنامية لشعبه ومقاومته المنظمة. يواجه حكام إيران، غير المنتخبين وغير الخاضعين للمساءلة، مواطنين يزدادون جرأة وتحديًا. ومع كل موجة جديدة من الاحتجاجات والإضرابات وأعمال العصيان المدني، لا يكون رد النظام إصلاحيًا، بل قمعيًا.
في السنوات الأخيرة، شهد العالم تصاعدًا كبيرًا في عنف الدولة. فقد أعدم النظام 975 شخصًا في العام الماضي، مما يجعل إيران الأولى عالميًا في عدد الإعدامات للفرد. العديد من هؤلاء الضحايا هم سجناء سياسيون أو معارضون أو أعضاء في أقليات مهمشة. وفي عام 2022، اندلعت انتفاضة وطنية جديدة ردًا على مقتل مهسا أميني. ومنذ ذلك الحين، تم اعتقال وتعذيب عشرات الآلاف، وقُتل أو أُعدم أو اختفى المئات.
لقد نزل سائقو الشاحنات والمعلمون والمتقاعدون والمزارعون والطلاب إلى الشوارع. ولا يرد النظام بالحوار، بل بالرصاص والمشانق والرقابة. وما يسمى بـ “الإعدامات العلنية” هي محاولة يائسة لإظهار القوة وبث الخوف. ولكن، كما يظهر التاريخ، فإن مثل هذه المشاهد تكشف فقط عن مدى هشاشة قبضة النظام على السلطة.
ولعل أكثر ما يفضح ذعر النظام هو خطابه المروع. ففي 7 يوليو، ذهبت وكالة أنباء فارس الحكومية إلى حد الدعوة علنًا إلى “تكرار” مجزرة عام 1988 ضد السجناء السياسيين – معظمهم من أعضاء منظمة مجاهدي خلق الإيرانية (MEK)، وهي حركة المعارضة الرئيسية. ووصفت تلك الفظاعة بأنها واحدة من “ألمع سجلات الجمهورية الإسلامية في مكافحة الإرهاب”، وأعلنت أن “الوقت قد حان اليوم لتكرار هذه التجربة التاريخية الناجحة”. في تلك المجزرة، تم إعدام ما لا يقل عن 30 ألف سجين سياسي ودفنهم في مقابر جماعية مجهولة، في ما أدانته الأمم المتحدة باعتباره جريمة ضد الإنسانية وإبادة جماعية.
إن مثل هذه الدعوة الوقحة للقتل الجماعي ليست استعراضًا للقوة، بل اعترافًا بالخوف. قادة النظام، الذين يطاردهم النفوذ المتزايد لوحدات المقاومة التابعة لمجاهدي خلق داخل إيران، يرون الآن في الإرهاب وسفك الدماء وسيلتهم الوحيدة لصد موجة التغيير. لم يعد جنون الارتياب لديهم خفيًا؛ بل يُبث من عناوين وسائل الإعلام الحكومية.
على الرغم من هذه الوحشية، فإن روح المقاومة في إيران لم تنكسر. سائقو الشاحنات – المهددون بإلغاء رخصهم وفقدان مصادر رزقهم والملاحقة القضائية – يقفون صامدين، مطالبين بالإفراج عن زملائهم المعتقلين. وينظم المعلمون والمتقاعدون إضرابات منسقة. وحتى في مواجهة الاعتقالات الجماعية وأحكام الإعدام، تواصل “وحدات المقاومة” نشاطها في كل ركن من أركان البلاد. إن جهود النظام المحمومة للقضاء على المعارضة لا يقابلها إلا شجاعة وإصرار الإيرانيين العاديين.
لقد فشلت عقود من سياسة الاسترضاء تجاه النظام الإيراني بشكل لا لبس فيه. والأمل في أن يعتدل النظام هو وهم خطير. إن استمرار التواصل معه لا يؤدي إلا إلى إطالة عمر نظام ثيوقراطي يعارض بشكل أساسي القيم الديمقراطية.
يجب على الولايات المتحدة، والغرب عمومًا، ألا يلقوا طوق نجاة لهذا النظام في أضعف حالاته. بدلًا من ذلك، يجب أن يقفوا مع الشعب الإيراني ومقاومته المنظمة، ويعترفوا بحق الإيرانيين في تقرير المصير – متحررين من جميع أشكال الديكتاتورية، سواء كانت ملكية أو ثيوقراطية – وأن يؤكدوا صراحة حقهم في مواجهة حرس النظام الإيراني وغيره من أدوات القمع. هذا التحول المبدئي هو ضرورة أخلاقية وحتمية استراتيجية لتحقيق الاستقرار والسلام في إيران والمنطقة.
في الواقع، هذا “الخيار الثالث” ليس مفهومًا جديدًا. ففي عام 2004، أبلغت زعيمة المعارضة الإيرانية مريم رجوي البرلمان الأوروبي أن الحل لإيران لا يكمن في سياسة الاسترضاء ولا في الحرب، بل في تغيير النظام على يد الشعب الإيراني ومقاومته المنظمة. وحذرت قائلة: “سياسة الاسترضاء تشجع نظام الملالي على التمادي في سياساته، وفي النهاية تفرض الحرب على الدول الغربية. دعونا لا نسمح بتكرار تجربة ميونيخ – مع ملالي مسلحين بقنابل نووية”. يتردد هذا التحذير بإلحاح أكبر اليوم، حيث أدت سنوات من الاسترضاء إلى تشجيع النظام، مما أدى في النهاية إلى الحرب ذاتها التي كان العالم يأمل في تجنبها.
إن الخيار الثالث – التغيير على يد الشعب الإيراني والمقاومة المنظمة – ليس ممكنًا فحسب، بل هو ضروري وحتمي. إن الموجة المتصاعدة من الاحتجاجات، وصمود وحدات المقاومة، والوحدة حول برنامج ديمقراطي قد منحت الإيرانيين أملًا حقيقيًا. ودعم هذا البديل ليس مجرد ضرورة أخلاقية، بل هو المسار العملي الوحيد للسلام والاستقرار والحكم الديمقراطي في إيران والمنطقة الأوسع.
إرسال التعليق