بعد ثلاثين عاماً من التحذيرات، الحل في إيران ليس الحرب ولا الاسترضاء بل المقاومة المنظمة

بعد ثلاثين عاماً من التحذيرات، الحل في إيران ليس الحرب ولا الاسترضاء بل المقاومة المنظمة

في مقال تحليلي عميق نشرته صحيفة “لومانيتيه” الفرنسية بتاريخ 2 يوليو 2025، يقدم جان بيير برار، العضو الفخري في الجمعية الوطنية الفرنسية ورئيس اللجنة الفرنسية من أجل إيران ديمقراطية (CFID)، رؤية واضحة لمسار المقاومة الإيرانية على مدى أكثر من أربعة عقود. بِلغة صريحة ومنظور جذري، ينتقد برار الاستراتيجيات التقليدية في التعامل مع ديكتاتورية الولي الفقيه خامنئي، ويدافع بقوة عن البديل الديمقراطي الذي يتبلور في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية وبرنامج السيدة مريم رجوي ذي العشر نقاط.
نقد جذري للحرب الخارجية والبديل التابع
يوجه جان بيير برار نقداً لاذعاً لمحاولات تغيير النظام عبر التدخل العسكري بالاعتماد على ابن الشاه والحنين إلى نظام الشاه مدفونة، معتبراً إياها أفكاراً واهية. ويكتب: “استراتيجية الإطاحة بالقصف ليست الاستراتيجية الصحيحة وليست مصدر أمل. كانت هذه بالأحرى أحلاماً غير واقعية لأولئك الذين، مثل ابن الشاه، يتخيلون أن التاريخ يمكن أن يعيد نفسه”.
ومن وجهة نظر برار، هذه الرؤى لا تقدم حلاً حقيقياً لإيران، ويضيف: “الأمير الصغير لا يعرف سوى المسارات المفروضة من الأعلى، ولم يختبر قط المسارات التي ترسمها الشعوب الحرة”. وبهذا، يؤكد البرلماني الفرنسي من منظور تاريخي وديمقراطي على ضرورة دعم المسارات الشعبية المنبعثة من القاعدة إلى القمة، وهو المسار الذي تجلى في خطاب المقاومة الإيرانية منذ انطلاقتها التاريخية عام 1981.
انتفاضة عام 1981 وتأسيس المقاومة الحديثة
يعتبر برار انتفاضة 20 يونيو1981 نقطة تحول في تاريخ نضال الإيرانيين من أجل الديمقراطية. ويصف ذلك اليوم قائلاً: “في 20 يونيو 1981… خرج 500,000 متظاهر سلمي إلى شوارع طهران. وبأمر مباشر من خميني، قوبلوا برصاص حرس النظام الإيراني. في ذلك اليوم، قررت المقاومة عدم التراجع، ومنذ ذلك الحين، لم تصمت أبداً”. هذه الكلمات تجسد ولادة مقاومة منظمة ذات جوهر مناهض للاستبداد، قررت مواصلة النضال بدلاً من الرضوخ لعنف الدولة.
ويعقد برار مقارنة رمزية بين هذا اليوم وبين نداء الجنرال ديغول التاريخي في 18 يونيو 1940، مستخدماً هذا التعبير لوصف الحالتين: “تاريخان، شعبان، نضالان ضد الاستبداد”، ليؤكد على الشرعية الأخلاقية والسياسية للمقاومة الإيرانية.
الخیار ثالث: الديمقراطية من الداخل
تتمثل النقطة المحورية في تحليل جان بيير برار في دفاعه الراسخ عن “الخیار ثالث“؛ أي طريق لا يعتمد على الإسترخاء ولا على الحرب، بل يرتكز على تغيير ديمقراطي داخلي. ويستذكر كلمات مريم رجوي في البرلمان الأوروبي، فيقول: “قبل واحد وعشرين عاماً، في هذا البرلمان بالذات، أعلنتُ أن الحل ليس الإسترضاء ولا الحرب، بل هناك حل ثالث: التغيير الديمقراطي على يد الشعب الإيراني ومقاومته المنظمة”.
على عكس العديد من السياسيين الغربيين العالقين في ثنائية الحرب أو المساومة الزائفة، يرى برار أن الخيار الثالث الذي اقترحته السيدة رجوي هو السبيل الحقيقي الوحيد للخروج من الأزمة الإيرانية، ويصرح بحزم: “الخیار ثالث لا يؤدي إلى الإسترخاء ولا إلى الحرب، بل هو مسار التغيير الحقيقي”.
الكشف عن البرنامج النووي والاختبار الأخلاقي للغرب
من النقاط البارزة في مقال برار، إشارته إلى الكشف التاريخي الذي قام به المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية عام 2002 حول البرنامج النووي السري للنظام. ويكتب بلهجة ناقدة: “في عام 2002، كشف المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية عن البرنامج النووي العسكري للنظام… لكنهم (الغرب) قرروا التحاور مع الجلادين وليس مع كاشفي الأسرار”. تمثل هذه الجملة صفعة أخلاقية لصناع السياسات في الغرب الذين اختاروا مسار المصالحة مع الاستبداد بدلاً من دعم الأصوات الديمقراطية.
ويعتبر هذا الخيار دليلاً على ضعف الغرب، ويحذر من أن هذه السياسة لا تساهم في تحقيق الحرية فحسب، بل ترسخ القمع: “قبل قرابة ثلاثين عاماً، حذرت المقاومة: سياسة التساهل والإسترضاء لن تؤدي إلا إلى تشجيع نظام الملالي على مواصلة القمع، وستفضي حتماً إلى الحرب”.
برنامج النقاط العشر للمقاومة: بديل للغد
يقدم جان بيير برار برنامج مريم رجوي ذا العشر نقاط كأساس للنظام السياسي المستقبلي في إيران، مؤكداً أنه يقوم على قيم عالمية مثل “الحرية، المساواة، الإخاء”. ومن بين مبادئه: حرية الأحزاب، والمساواة بين الرجل والمرأة، وفصل الدين عن الدولة، وحماية البيئة.
ومشيراً إلى تنفيذ أكثر من 3000 عملية ضد أجهزة القمع في العام الماضي، يستنتج أن “المقاومة قوة حية ومتجذرة في المجتمع الإيراني”.
الثوار الحقيقيون والأمل المشرق
في ختام مقاله، ينقل برار أملاً واقعياً إلى القارئ: “الطريق لا يزال طويلاً، لكن النصر لم يكن يوماً أقرب مما هو عليه الآن”. ويختتم بجملة شعرية ملهمة: “الثوار الحقيقيون هم أولئك الذين يرون ضوء الحرية من خلال الظلام… اليوم، هذا الضوء مرئي”.
هذا ليس مجرد تفاؤل مفرط أو شعار ثوري، بل هو نتاج رؤية سياسية وتاريخية تؤمن بإمكانية تحقيق التغيير الديمقراطي بناءً على تجربة نضالية تمتد لأربعين عاماً، وتقدمه كواجب تاريخي وأخلاقي.

Previous post

مع إستمرار الخلافات بين حماس و إسرائيل مصدر أمني رفيع المستوى يكشف للزمان مخطط إسرائيل الجديد لتهجير الفلسطينيين

Next post

وفد أمريكي يقوم بزيارة سرية لمصر لبحث إعادة التعاون العسكري بين البلدين و خليل الحية للزمان الحركة تلقت تطمينات من واشنطن حول إستمرار الدور الأمريكي بعد هدنة الستين يوم

إرسال التعليق